بدأ الإنسان منذ قديم الزمان بعمليات تربية انتقائية وتكييف وراثي لمجموعة من الحيوانات لتتمكن من العيش مع البشر، واستمر ذلك عبر الأجيال، وهذا ما عُرف لاحقًا بعملية تدجين الحيوانات "Domesticated animals"، وتتميز الحيوانات الداجنة عن البرية بمجموعة من الصفات،[١] كما تُعد عملية التدجين عملية طويلة من الإجراءات والظروف لتكيف الحيوانات مع البشر.[٢]


أقسام الحيوانات الداجنة

تنقسم الحيوانات الداجنة إلى ثلاثة أنواع رئيسية، وهي:[١]

  • تدجين الرفقة "Companionship" ويشمل هذا النوع الكلاب والقطط، ويبدو واضحًا من الاسم أن الهدف من تربية هذا النوع من الحيوانات هو لمرافقة البشر وللصداقة والتسلية.
  • تدجين الإطعام "Farmed for food" ويضم الأغنام، والأبقار، والخنازير، والأرانب، والطيور مثل الدجاج والديوك الرومية، ويكون هنا القصد من التدجين الحصول على الطعام من الحيوانات، ويشمل البيض والحليب واللحوم.
  • تدجين العمال "Draft animals" وهي الحيوانات القادرة على القيام بأعمال مثل النقل والحراثة، وتضم الخيول، والحمير، والجمال.


صفات الحيوانات القابلة للتدجين 

تُعد عملية التدجين عملية مجدية اقتصاديًا، وذلك لما تتصف به الحيوانات القابلة للتدجين من صفات، وفيما يأتي بعض منها:[٣]

  • تنمو الحيوانات الداجنة بسرعة، مما يجعلها فعالة في عملية الزراعة.
  • تتكاثر الحيوانات الداجنة بسهولة، إذ تخضع لفترات خصوبة متعددة في العام الواحد.
  • غالبًا ما تكون الحيوانات الداجنة نباتيةً في حميتها الغذائية، وهذا ما يجعل إطعامها غير مكلف.
  • تُعد الحيوانات الداجنة قادرة على التكيف بسهولة مع الظروف المتغيرة، فهي تتمتع بالقوة والقدرة.
  • تعيش غالبًا في قطعان؛ مما يجعل التعامل معها والسيطرة عليها سهلًا.


أمثلة على حيوانات داجنة

يتفق العلماء على وجود أكثر من 40 نوعًا من الحيوانات الداجنة حاليًا، وقد تمت دراستها ومراقبة تطورها عن أجدادها، إذ أُدخلت لها فروع جديدة في التصنيف الهرمي التسلسلي للحيوانات يختلف عن تلك البرية، وفيما يلي ذكر لأهم هذه الحيوانات.[٤]


الأحصنة والحمير

يتم تدجين أربعة أنواع من الحيوانات التابعة لعائلة الخيليات "Equidae"، وتشير الدلائل الأحفورية إلى أنه تم استخدامها في أوكرانيا قبل 5500 سنة قبل الميلاد تقريبًا، ولم تكن هذه الكائنات مصدرًا للحوم والحليب فقط، لكن قدرتها الكبيرة على التحمل وسرعتها كوسيلة نقل للإنسان والبضائع ساهم إلى حد كبير في تبادل الثقافات واللغات بين الشعوب.


الماعز

ساعدت القدرة الاستثنائية لهذه الحيوانات على التكيف إلى انتشارها السريع في معظم أنحاء العالم، وظهورها في البيئات المختلفة (الصحراوية، والجبلية، والمدارية حيث لم تكن نتشر أصلًا)، وقد تم تدجين الماعز على مر العصور لإنتاج الحليب، واللحوم، والجلد، والصوف، ولإنتاج الموهير، والكشمير.


الأغنام

بدأت عملية تدجين الأغنام في شرق الأناضول وغرب إيران قبل 8500-12000 سنة من الآن، وقد خصصها الإنسان لعمليات إنتاج اللحوم أولًا، ثم بدأت الاستفادة من الحليب والصوف لاحقًا.


أمثلة على حيوانات غير قابلة للتدجين

لم تنجح جميع محاولات تدجين الحيوانات، إذ إن طبيعة الحيوان تتحكم كثيرًا في عملية التدجين، فقد يكون الحيوان عدوانيًا للغاية، ويصعب التعامل معه على نحو طبيعي، وقد يهرب الحيوان بمجرد اقتراب الإنسان منه، وفيما يلي بعض الحيوانات التي لم ينجح الإنسان في تدجينها:[٥]

  • الحمار الوحشي: تتميز الحمر الوحشية بقربها الكبير من الخيول والحمير، وهي محصنة ضد العديد من الأمراض، لكن فشلت عملية التدجين لها نتيجة عدوانيتها الشديدة، فيهرب الحمار الوحشي بسرعة كبيرة لمجرد اقتراب أي حيوان أو إنسان منه.
  • الدنغو: هي حيوانات تشبه إلى حد كبير الكلاب، وقد حاول الإنسان قديمًا تدجينها تدجينًا جزئيًا كمصدر للغذاء، لكن تم السماح له بالعودة إلى البرية بعدها، إذ لم تستطع هذه الحيوانات أن تكون رفيقة للإنسان مثل الكلاب.
  • الموظ: قد يستغرب البعض السبب الكامن لعدم تدجين الموظ، إذ تُعد هذه الكائنات ذكية جدًا لدرجة أنها كانت تهرب من المعركة عندما تشاهد أفرادًا منها تُقتل، وحدث ذلك عندما حاول الإنسان الاعتماد عليها بدلًا من الأحصنة، كما أنها كانت تقاوم الذهاب إلى المسلخ عندما لاحظت أن الأفراد التي تذهب هنالك لا تعود.
  • الفيلة الآسيوية: حاول الإنسان تدجين الفيلة الآسيوية لمدة 3000 عام من خلال أسرها وتدريبها، لكن يبدو أن الأمر لم ينجح، وهي حيوانات برية لا تسمح للبشر بالاقتراب منها.
  • أسماك القرش الكبيرة: فشلت عدة محاولات لتدجين هذا النوع من الأسماك، إذ إن احتجازها يؤدي إلى وفاة هذه الحيوانات خلال أيام أو ربما خلال ساعات في بعض الأحيان، وقد تلجأ هذه الأسماك في بعض الأحيان إلى قتل نفسها إذا تم احتجازها.
  • الراكون: تتميز هذه الحيوانات بقدرتها الكبيرة على التسلق ودخول الأماكن الضيقة مما قد يساعد الإنسان في كثير من الحالات، لكن الراكون عدواني إلى حد كبير إذا تم حصره في أماكن ضيقة (الأقفاص)، ويمكن أن يهاجم البشر، ويُصيبه بالأمراض مثل داء الكلب.
  • الثعالب: نجحت محاولات تدجين الثعالب بطريقة جزئية، وقد أخذت حينها اسم الكلب ياجان، لكنه لم يكن مفيدًا مثل الكلاب العادية.


فوائد تدجين الحيوانات

لقد كانت الحيوانات العاشبة الصغيرة في الحجم مثل الدجاج والماعز من أوائل الحيوانات التي قام الإنسان بتدجينها، ويعود السبب إلى سهولة إطعامها، ثم بدأت عملية تدجين الحيوانات الأكبر حجمًا مثل الأبقار والخيول ذات الفوائد الأكبر،[٦] وتجدر الإشارة إلى أن لتدجين الحيوانات مكاسب عديدة وفوائد لا يمكن حصرها تجاوزت حد توفير الطعام من حليب وبيض ولحوم بكميات كبيرة، وفيما يلي توضيح لها:

  • تساعد الكلاب التي يتم تدجينها الصيادين أثناء صيدهم فهي قادرة على الصيد أيضًا، وتساعد في قتل الحيوانات التي تشكل خطرًا على الإنسان.[٦]
  • يعد الدجاج مصدرًا للحوم، وهو مفيد جدًا، وقد أدت عملية تدجين الأنواع البرية منه إلى زيادة أوزانها لأكثر من رطلين لزيادة كمية اللحم.[٦]
  • تعد عملية التدجين ذات فوائد كبيرة في المجالات الطبية والبحثية العلمية، وفيما يأتي توضيح لذلك:[٧]
  • التطعيم، إذ اعتُمد على فيروس الجدري عند الأبقار في إنتاج لقاء ضد الجدري، ومهد ذلك للاستفادة من مجوعة من اللقاحات ضد الأوبئة الأخرى.
  • المناعة الهرمونية؛ إذ اعتُمد على الطيور الداجنة للتعرف على الليمفماويات، وكيف أنها مسؤولة عن الحصانة ضد الأمراض.
  • زراعة صمامات القلب؛ إذ تمت الاستفادة من صمامات قلوب الماشية في إنقاذ المئات من البشر، وفتح المجال أمام المئات من عمليات زراعة الأعضاء.
  • تم الاعتماد على الحيوانات الداجنة في مجال علاج العقم عند البشر سابقًا، إذ اعتُمد عليها أولًا في عملية حفظ الحيوانات المنوية قبل البدء بذلك عند البشر.


مخاطر تدجين الحيوانات

اعتمد الإنسان على الحيوانات البرية في البداية بطريقة الكفاف لتوفير ما يلزمه من الطعام، ثم بدأ بعملية التدجين للحيوانات قبل 1200 سنة تقريبًا، وكان الهدف تدجين الحيوانات للحصول على جميع الفوائد من ذلك، وتحسين الحيوانات التي يحصل عليها بيولوجيًا، وأثناء عمليات التدجين تلك تم إدخال عدد من السلالات الصناعية، وبدأت تطغى على حساب السلالات المحلية، وبالتالي قد تُفقد السلالات الأصلية ذات القيمة الوراثية العالية مقابل المحافظة على السلالات الهامشية، وإن أهم ما يجب العمل به الآن هو استعادة التنوع الوراثي في السلالات الأصلية.[٢]

المراجع

  1. ^ أ ب NATASHA DALY (4/7/2019), "domesticated animals", nationalgeographic, Retrieved 23/3/2021. Edited.
  2. ^ أ ب Fabrice Teletchea (7/7/2019), "animal domestication a brief overview", intechopen, Retrieved 23/3/2021. Edited.
  3. "domesticated animals", nationalgeographic, 4/7/2019, Retrieved 23/3/2021. Edited.
  4. Fabrice Teletchea (7/6/2019), "animal domestication a brief overview", intechopen, Retrieved 23/3/2021. Edited.
  5. OLIVER TAYLOR (6/2/2019), "10 animals we failed to domesticate", listverse, Retrieved 23/3/2021. Edited.
  6. ^ أ ب ت "how do animals benefit from domestication", worldatlas, Retrieved 24/3/2021. Edited.
  7. "Advantages of Domestic Species As Dual Purpose Models", canr.msu, Retrieved 24/3/2021. Edited.